+++++++++++++++++++++++
][ السلام عليكم ][
:: الشيطان قد يبكي و قد يقتل نفسه...::
تستحوذني أفكار بأن الشياطين هم الذين يقتلون البشر ، و أقول في نفسي في بعض الأحيان أن الشياطين كثيرون هذه الأيام ، و هم تزايد مستمر .....
دائما ما آخذ المرآة و أسلطها على وجهي ، تتراءى لي لوحة في قمة الاحترافية طبعها فنان محترف، لكن، شيئا فشيئا تصبح اللوحة مظلمة و منغرسة في دموع تلك الشخصية التي تبكي هناكـ ....
أعيش أنا و أخي الصغير البالغ من العمر 14 عاما، أبي مسافر قصد العمل ، أمي ماتت فور ولادتها لأخي ، مهلا، عندما أتذكر ذلك الحادث ، أتذكر الأطباء الذين قتلوا أمي، لأنهم سرقوا أعضاء من جسمها لإنقاذ آخرين، يقولون أن أمي كانت ستموت لذلك أخذوا ما أرادوه ، هل هم أيضا .... شياطين ؟؟
مرت سنوات على ذلك الحادث و ما عاد أحد يسأل عنه ، الآن همي الوحيد هو أخي، ذلكـ أنه مصاب بمرض لم تشهد له البشرية بمثيل، لا علاج له حتى الآن ، هذا المرض يتمثل في نوبات حادة ينتج عنها صراخ طيلة الليل، و هذا يتسبب لي بالمشاكل ، إذ أن بعض الناس يشتكون منه و لا يدعهم ينامون.
قال لي أحدهم ذات مرة : لماذا لا تذهبي بأخيكـ إلى طبيب ؟ على الأقل لكي تقل تلك الصرخات المزعجة.
و أقول أنا : لا أريد الذهاب به إلى أي طبيب ... لا...
أغلقت الباب الذي ظل صدى صوته يرن في أذني ، و قلت في نفسي : مستحيل أن أتركـ أخي تحت رحمة أولئك الشياطين .
كل يوم تحدث لنا نفس القصة، نحيا براحة في الصباح و النهار، و يأتي المساء متبوعا بظلمات الليل لتبدأ علامات الألم و المعانات مع أخي ، أتساءل أين هو والدنا الآن ؟ لم يسأل عنا منذ إصابة أخي بهذا المرض الملعون ، هل أبي نكر أن له أبناء؟ أم أنه أصبح شيطانا من نوع آخر،... ذلك الشيطان الذي لا يريد أن يرى دم فريسته حتى تتعذب و تتألم ....
في أحد الليالي المؤلمة ، كان المرض قد بلغ أوجه في جسد أخي الصغير ، لم يعد ليعرفني بأنني أخته ، يتسكع في أرجاء المنزل ، كأنه ذئب مجروح ، حتى وجد ضالته ، أخذ السكين و بدأ يتأمله ، و أقول له بأن يتركه و شأنه فقد يؤذي به نفسه ، ما إن انتهيت من هذه العبارة حتى رأيت السكين يتجه نحوي، ثم ... لم أتذكر شيئا مما حدث، كان الحادث كفيلا بأن ينسيني ما حدث ، و لكن ... انتظروا ... أين هي عيني اليمنى ؟ لقد فقدتها !!
هدأ أخي ، و غط في نوم عميق ، أما أنا فلم أنم، آلام عيني لم تتركني أنام، مما أدى بي إلى اتخاذ قرار الذهاب عند طبيب الأعين .
و بالفعل ذهبت في الصباح عند الطبيب ،
قال لي : إن جرحكـ عميق ، يجب أن تخضعي لعملية جراحية .
و قلت له : هل أستطيع الرؤية بعيني اليمنى مجددا ؟؟
قال لي : هناك أمل ضئيل في أن تسترجعين النظر في عينكـ اليمنى
قلت نفسي : مستحيل أن أجري عملية ، فلن تكون هناك أية نتيجة.
عدت إلى المنزل حاملة معي خيبة الأمل في استرجاع الرؤية في عيني اليمنى،
و إذ بسؤال يصدر من أخي: ما بها عينكـ ؟
و قلت في نفسي : ألا يتذكر هذا الولد ما حدث في الأمس؟
قلت له : ليس مهما ، فقط حادثة اصطدام لا غير.
قمت بتشغيل التلفاز، و إذا بي أصادف برنامج يتمحور حول المجرمين الذين يقتلون البشر ، أو بعبارتي الخاصة عن الشياطين....
قال لي أخي و هو يشاهد التلفاز: أتساءل، هل الشياطين يستطيع أن يقتل نفسه؟؟
لم أفكر في مثل ذلك السؤال ، ظل يتكرر في ذهني ، و ما من إجابة أتلقاها....
و قال أخي مرة ثانية : ربما الشياطين تشعر بالحزن جراء ما تفعل.
عبارته هذه جعلتني أشعر بسخافة الموقف ، ترى هل حقا شعرت بالحزن، و ذرفت الدموع؟؟
أخي يقول أشياء لا معنى لها ربما لأنه مريض....هـــه.
ذات ليلة ، كنت أستحم و أسمع آلام أخي الذي يتفاقم مرضه الليلة تلو الأخرى، و أنا ما بيدي حيلة سوى تنظيف نوافذ جروحي كل يوم و تهويتها لاستئناف مسيرة الألم المعتاد، فجأة ، استحوذت علي فكرة جنونية ، ألا و هي : أن يموت أخي... كنت أحس بصوت يأمرني بأن أكون وسيلة القدر و أنهي مهزلة الألم التي طالت، أسئلة كثيرة انهالت علي ، هل بفعل هذا سأتحول إلى شيطان ؟؟ هل سأكون مثلهم ؟؟ خرجت من الحمام حاملة معي تلك الفكرة الشيطانية، لاحظت أن الهدوء يعم المكان، ربما أخي قد هدأ و نام ، هذه فرصتي لإنهاء كل هذا، الدموع جعلت عيني اليمنى تدمع دما،- هذا طبيعي – أخذت السكين قلبي يخفق بقوة، دخلت إلى غرفة أخي، لم أستطع كتم بكائي، قبلت أخي و ضممته بقوة ،
و قلت له و هو نائم: سامحني يا أخي ، لكن هذا قد يريحني و يريحكـ من آلامك المتواصلة ، سامحني أرجوكـ.
استغرقت وقتا طويلا في استرجاع قوتي لأنفذ مخططي، ثم... ثم... فعلت فعلتي و انتهى الأمر، انتهت مسيرة المعانات و الألم ، ضميري لا يرحمني عن التأنيب، في هذه اللحظات بالذات، أحسست أن الشيطان قد يبكي جراء فعلته، و قد يقتل نفسه إذا أخطأ هدفه، و ربما يبكي للمرة الأولى و الثاني و الثالثة....
لم أن يعلم أبي أنني قد تحولت إلى قاتلة أقصد إلى شيطاان !! كيف سيعلم و هو لا يدري إلى أي حالة نحن عليها الآن أو أنني أصبت في عيني؟
رغم هذا أنهيت كل شيء بطعنة استهدفت جسدي، لا أعرف أين؟ و لكن كل شيء انتهى....
أدركتـ حينها أن الشيطان باستطاعته قتل نفسه ، و أنه قد يشعر بالحزن بين الفينة و الأخرى .... و قد يبكي كما يبكي الرضيع فور ولادته....
][ النهاية...][
++++++++++++++++++++++